بقلم / احمد عبد الصاحب كريم
الكثير والكثير من العراقيين والمثقفين وعبر سنين واجيال طويلة يتداولون ويطالعون و يقرأون كتب عالم الاجتماع الكبير علي الوردي و يستشهدون بكثير من كتاباته وتشخيصاته وبالاخص بما يخص المجتمع العربي بشكل عام والعراقي بشكل خاص حيث قام بتشخيص الطبقات المتلونة و أصحاب المصالح و البعض من رجال الدين الذين يتسترون بعباءة الدين والكثير من السلوك البشري والمجتمعي ، وإحدى كتاباته أن كان يكرر كثيرا” ان البداوة سبب تخلف العراق ” ونحن كنا مصدقين اعتقدنا أن سببا لتخلف هم أهالي وابناء القرى والقرى كونهم كانوا يهتفون للرئيس والمسؤول ومن يرتدي الخاكي والزيتوني ، اليوم وبعد انتشار القنوات الفضائية والسوشيال ميديا والإنترنت وأصبح العالم كقرية واحدة شاهدنا ونشاهد دولالخليج العربي كما يطلق عليهم (البدو) يحتكرون ثلث اقتصاد الكرة الارضية في لقطة واحدة وسط البدو !
هنا يجب على أحد العقلاء ان يوقظ العالم علي الوردي من قبره ويعاتبه لماذا كنت تكرر (( ان البداوة سبب تخلف العراق )) انظر لهؤلاء البدو أين وصلوا هل كان الوردي مخطئآ أم كان يرمي التهم على البدو بسبب تخلف هم أم كان خائفا من المجتمع كون المجتمع العراقي وبالأخص الريف في زمن الوردي كان يمثل 85% من الشعب فاضطر أن يجاملهم خوفا وقام برمي التهم على البدو ، إذا أردنا أن نجعل مقارنة بين بدو الخليج العربي ( السعودية ، قطر ، الإمارات) فتراهم يتمتعون بموازنات مالية بمئات المليارات وبنية تحتية واقتصادية وتجارية وسياحية وفي السنوات الأخيرة أصبح لهذه الدول حضور كبير على المستوى السياسي الإقليمي والعالمي بسبب سياساتهم للتعاون مع الجميع وبالأخص الدول العظمى و متمسكين بعلاقات متميزة ، هم مع أمريكا والغرب ، هؤلاء البدو يجنون المليارات وشعوبها مرفهة إلى حد التخمة ، هم يفضلون ويجيدون السياسية بدل الشعارات العروبية الرنانة والكتابة من امثال جمال عبد الناصر وصدام حسين وحافظ أسد وولده بشار والقائمة تطول بالقادة والمسؤولين بعد عام ٢٠٠٣ ولغاية الآن بشعاراتهم الكاذبة التي ارجعوا مئات السنين أصبحنا دولة بلا هوية بعد أن كنا قادة العالم وشعب لا مضمون أو ثقافة بعد أن كنا أكبر العقول النيرة و المبدعة والمحبة للقراءة أصبحنا نجد فن صناعة التفاهة والمحتويات الهابطة أصبحنا نفضل التيكتوكر ومن يقوم بالرقص والتعري وإطلاق الألفاظ البذيئة على الفنان المثقف والإعلامي المبدع والكاتب البارع ، السؤال هنا هل سنتجاوز هذه الأمور الطارئة ونصبح كما مرت به أوربا في العصور الوسطى ومنها من جديد أم هل سنقوم بالتفكير كما يفكر بدو الخليج وننتشل ما تبقى من قيم ونسعى للنهوظ لبناء الدولة و المجتمع واجيال من الشباب بدون هدف ، أم نبقى كما قال الإمام علي (ع) نتبع كل ناعق ، أقولها مرة أخرى يا كاتبنا الكبير علي الوردي لماذا اتهمت البدو أنهم سبب التخلف في العراق .